23‏/6‏/2010

جان دارك بني معروف - نساء من بلدي

عندما انكسر بني معروف في آخر معركة على صميد التي راح ضحيتها 14 شهيداً وتهدم 11 منزلاً كان منهم منزل ابو حمد هايل شلغين زوج بستان شلغين ولم يبق منه غير الزريبة، بعث كاربييه يريد مقابلة هذه السيدة التي تؤلب الناس عليه في محاولة لاستمالتها، فأرسلت له أنها لا يشرفها استقباله حتى في الزريبة فبعث قوة وجلبوها إلى "السويداء"، وعندما مد يده للسلام عليها رفضت مصافحته وقالت له أنا لا أصافح قاتل زوجي وأخي ومدمر منزلي ومنازل أهل  عندها قام كاربييه وقال لها إنه مستعد لبناء منزلها وتعليم أولادها في أي مكان تريد، فردت عليه أنه لا يشرفها ذلك فقام من مكانه وأدى لها التحية العسكرية


وقال لها أنت بحق جان دارك العرب

لقد انتشرت أخبارها في كل أرجاء الوطن، وكأن بستانها يثير نتاج الوقوف في وجه الطغيان وعدم الانكسار والتخاذل وعدم الذل، فهي أم وأخت وقائدة لثوار بلدها في صميد التي تقع في اللجاة حيث ولدت أم حمد بستان شلغين هناك، وهناك انتصبت قامة شامخة بين الثائرين . ذات يوم تعرضت قرية "صميد" لقصف جوي من القوات الفرنسية لمحاولة القضاء على الثوار لكنهم أسقطوا أربع طائرات حربية فرنسية وأسروا واحداً منهم مغربي الجنسية حيث سلّم إلى المجاهدة "بستان شلغين" التي أوصت بمعاملته معاملة حسنة بإعتباره مسلم عربي مجبّر على الحرب مثلهم تماماً ثم أمرت بتسليمه للقيادة المتمركزة آنذاك في "الخالدية" مقر القوات الفرنسية، فأعجب الجنرال "أندريا" قائد الحملة بهذا الموقف الإنساني وطلب من معاونيه أن يرتبوا له مقابلة معها. فرتبت للزيارة المشهورة واستقبلته استقبالاً جافاً وعادت لتذكره بما اقترفته أوامره في تدمير البلدة غير معتذرة عن استقباله في الز إنما أكدت له انه المكان الافضل لاستقباله بعد أن دمرت قواته المضافات التي اعتادها التقليد العربي الأصيل للترحيب بالضيوف، ولما استمع الجنرال إلى مبرراتها للاجتماع في الإسطبل وافق على ما قالته واقترب منها ومد يده ليصافحها فأبت في أول الامر إلا أنها كانت مضطرة كي لا تخرج عن الآداب الاجتماعية وآداب السلام فلفت يدها بالفوطة (غطاء للرأس من الحرير الأبيض الناعم) الذي كانت تربط به رأسها وصافحته كي لا تلمس يدها العربية يد المستعمر وعلى الرغم من عدم تأففه من موقفها عرض عليها المال والخدمات لإعادة بناء ما تهدم في البلدة وكل ما تطلبه للأهالي كتعويض عن الهدم والخراب الذي لحق بالبلدة، وما كاد ينتهي من كلامه حتى بادرته قائلة: "المخرب ما بيبني" فاغتاظ الجنرال وانتهى اللقاء وانصرف وحاشيته يجرون أذيال الخيبة، بينما انصرفت "أم حمد" ومن معها إلى بوابة القرية لتلقي النظرة الأخيرة على أضرحة الشهداء الابرار الذين سقطوا في معركة "صميد"، وعند المساء وضعت "ام حمد" سبابتها اليمنى مع فوطتها في جمر النار حيث بترت سبابتها وأحرقت خمارها لتقطع دنس يد أجنبي مغتصب


ليست هناك تعليقات: